القوس والفراشة - محمد الأشعري

    عندما قرأت الرسالة بسطرها الوحيد ، وخطها المرتبك اخترقتني قشعريرة باردة ، ونأيت عن نفسي لحد لم أعد أعرف معه كيف أقطع الذهول الذي أصابني ، وأعود إلى نفسي . وعندما عدت أخيرا بعد جهد قاهر ، لم أجد شيئا . كنت قد أصبحت شخصا آخ
    تحميل رواية القوس والفراشة لمحمد الأشعري
    القوس والفراشة
    ر يخطو لأول مرة في أرض خلاء . وفي هذه الأرض الجديدة بدأت أستقبل الأشياء بنوع من اللاإحساس ، يجعلها سواء بالنسبة لي ، لم أعد أحس بأي اثر للألم أو للذة أو للجمال ، لم تعد لي سوى رغبة واحدة هي أن تتحرك دواخلي لشيء ما ، ولم يعد لي سوى  عجز واحد هو أن أحصل على ذلك.

    كان ما انتابني يشبه إلى حد بعيد فقدان الصوت ، حيث لم أعد أوصل أي شيء للآخرين ، لا فكرة ، ولا تعليقا ، ولا مزحة ولا تعبيرا من أي نوع ، كنت أجيب أحيانا على الأسئلة التي تلقى علي ، وأنا أفكر بما كان سيجيب به شخص آخر لو طرحت عليه هذه الاسئلة ، وكنت عاجزا تماما عن إبلاغ شيء له علاقة بالإحساس ، لأنني ببساطة لم أعد أحس بأي شيء.

    ثم انتقل هذا الأمر تدريجيا كما يخفت الضوء إلى أن تطبق العتمة ، من مجال المشاعر والعواطف ، إلى مجال المادة . هكذا وبينما كنت أتوجه نحو مكتبي متعرفا على ملامح الناس وحكاياتهم من روائحهم فقط ، أحسست فجأة أن جدارا قد ارتفع بيني وبين العالم ، وعندما دققت في الأمر أدركت أنني فقدت بشكل كامل حاسة الشم.



    ضع تعليق

سياسة الخصوصية | اتصل بنا | copyright 2013 © 2014 مجرة الكتب